الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة غرفة " كواباتا " بصالون الديكامرون تتقصى حقيقة المومس فى الآداب والفنون

نشر في  15 ماي 2014  (15:01)

هناك أغنية يونانية مشهورة للمغني "فاسيلي بابا كستندينو " تقول كلماتها " نشكر الله أنه لدينا عاهرات "؟ ومن كان منكم بلا خطيئة.. فليرمها بحجر ..؟ ترى كم عدد الذين سقطت الأحجار من يدهم نحو الأرض، متأملين في أنفسهم، ومراجعين لخطاياهم في إصدار الأحكام المطلقة على البشر..؟

المومس، الغانية، العاهرة، بائعة الهوى هذه التسميات المختلفة لفئة بقيت مهمشة ومحتقرة فى المجتمعات سواء منها العربية او الغربية اهتم بها الأدب وأولاها أهمية خاصة الأدب الذي اهتم بالفئات الهامشية وحاول البحث عن أسباب امتهان المرأة او الرجل لهذه المهنة وكان يتساءل من هي المومس: المجتمع ام بائعة الهوى ؟

وبعيدا عن هذا الحكم الاخلاقى تناول صالون الديكامرون فى غرفة "كواباتا "صورة المومس فى الآداب والفنون قدمها الباحث فى الفلسفة عدنان الجدي بمرافقة الروائي كمال الرياحى، وقد حضر اللقاء العديد من المثقفين من شعراء وكتاب ونقاد وصحفيين وتخلل اللقاء قراءات ومقاطع فيديو لافلام وشهادات فى الموضوع وقد بدأ الجدي بحثة بتقديم المدونة التى اعتمد عليها ونذكر من بين هذه الكتب كتاب "الاسود لون" لغريسليديس ريال " وهي سيرة ذاتية و لنفس الكاتبة ايضا "الماضى الوهمى وأيضا "كتاب عاهرة" لنيلى اركان وهي رواية واقعية و"لدي اشياء اقولها لكم " لكلار كار توناي وهو كتاب اعترافات كتاب كواباتا "الجميلات النائمات "، "ومن منكم لم يخطئ للاب جون فيليب كتاب يتطرق لحياة المدمنين والمسجونين والعاهرات.

كما اضاف كمال الرياحى مدونة باللغة العربية او المترجمة، فذكر ادب نجيب محفوظ الذى تطرق لهذه الفئة فى اكثر من رواية "زقاق المدق "بداية ونهاية "، "اللص والكلاب " وغيرها كما اشار الى السدّ للمسعدى وبطلته ريحانة ومحمد شكرى وثلاثيته "الخبز الحافى" "الشطار" و"وجوه" من الادب المترجم ذاكرة غانيات الحزينات مقال عن ادب كواباتا رواية 11 دقيقة لباولو كويلهو كتاب لجان طنوس "المومس فى الادب العربي" ويوميات بودلير ترجمة الشاعر التونسي آدم فتحى و" شبابيك منتصف الليل " مجموعة اقاصيص لابراهيم الدرغوثى

لمــــــــــــــاذا التطرق لهذا الموضوع ؟

يشير عدنان الجدي ان الاسئلة الصعبة التى لا تجيب عنها الفلسفة بل يجيب عنها الأدب فالعاهرة حقيقة المجتمع التى يخفيها ولا يتطرق لها فهي بالتـــــــــــــالى الحقيقة التى يجب ان نبحث عنها من خلال هذه النماذج التخييلية إذ كيف قدم الادب صورة العاهرة كيف تتحدث المومس عن نفسها فى كتب السيرة الداتية وماهي الاسباب التى جعلتها تمتهن هده المهنة: هل هو سبب اقتصادى ام سبب جسدى وغيرها؟ فالمومس ليست الوجه الحقيقي للادب وانما هي وظيفة من وظائف التخييل.

مــــــــــــــــــــن هي المومس ؟

يؤكد عدنان الجدي ان مؤسسة البغاء يدخل فيها الاحرار وليس العبيد، المراة تدخل الى هذه المؤسسة بكامل ارادتها تحترف المهنة وتصبح لها زبائنها تنتقيهم وتكون أحيانا وفية لهم ولكن بعد ذلك تصبح أسيرة القوانين الداخلية لهذه المؤسسة. وهناك أنواع كثيرة للمومسات إذ تطور المفهوم والعمل حسب تطور الزمن فتجد بنات الشارع اللواتى لم يجدن مؤسسة تضمهن فينتصبن للحساب الخاص معظمهمن وافدات من الارياف ثم مع بداية القرن السادس عشر ظهرت الغانيات مع ظهور المواخير ثم العاهرات فى القرن الثامن عشر لتتطور المومس فى القرن التاسع عشر فى وظيفتها وهندامها، تعوّل اكثر على اللباس والتبرج ثم الصنف قبل الاخير الذى اصبح متواترا فى القرن العشرين مع رجال الاعمال وهم صبايا المرافقة: جميلة مثقفة وتتقن اكثر من لغة، ترافق رجل الاعمال فى اسفاره المهنية او غيرها علاقتها به ليست مهنية فقط وانما جسدية ايضا. النوع الاخير هي المومس التى تكبر في السن فتتقاعد وتصبح هي التي تدير شؤون البيت المغلق ولهذه المرأة خصائص جسدية ومعنوية إذ لها نفوذ شبكة علاقات كبيرة، تلبس هنداما خاصا وهي بمثابة الام لكل العاملات فى البيت.

المومــــــــــــــــــــــــس نماذج سردية

تجدر الإشارة أن هذه النماذج لا تقتصر على المرأة وإنما الكثير من الرجال قد امتهنوا هذه المهنة وتحدثوا عنها في اعترافاتهم او سيرهم الذاتية، ومن هذه النماذج نجد المومس الكريمة التى نجدها عند محمد شكرى فى الخبز الحافى، نور فى اللص والكلاب عند نجيب محفوظ، غادة الكاميليا عند الكسندر دوما. هذه المومس التى لا تراهن على المادة ولكن فى كثير من الاحيان تصاب بخيبة امل.

النموذج الثانى هو المومس المندفعة التى تقبل كل شيء فى تعاملها مع الجسد الا الاغتصاب ثمّ المومس العشيقة التى تقع فى حب زبونها نجدها عند ايميل زولا فى نانا، وكذلك المومس الكادحة نجدها عند فيكتور ايغو فى البؤساء ثم المومس الالاهية التى نجدها عند بودلير فى يومياته خاصة ولها مواصفات محددة خاصة العفة والكرم والاصول الالاهية (اصول شرقية )

من الدعـــــــــــــارة الى الكتـــــــــــــــــابة

رغم جرأة الموضوع والاحراج الذى يسببه، فعديدات ممن امتهنّ هذه المهنة كتبنّ سيرتهن الذاتية وتحدثنّ عن هذه المهنة واسباب امتهانها ونتائجها الجسدية والنفسية وكانت اول سيرة ذاتية فى الفترة المعاصرة لمارى تاريز" قصة عاهرة " وهي اول امراة تتحدث عن هذا الموضوع بوجه مكشوف. أمّا الجنس الثانى من الكتبات فيخص اليوميات والذى كتب فيه جان جينات حيث تحدث عن حياته ومثليته الجنسية وامتهانه لهذه المهنة.

أمّا الجنس الاخير فهو الرواية وهناك نماذج عديدة يذكر الجدي منها رواية بعنوان "كربستيان ف " وهي رواية تتحدث فيها كاتبتها عن حياتها انطلاقا من طفولتها الصعبة الى انغماسها فى الادمان والدعارة وصدرت الرواية سنة 1979 وتحولت سنة 1981 الى شريط سينيمائي.

المومــــــــــــــــــس فى الفنون الاخرى

فى الرسم هناك لوحة المحظيات les courtisanes لفارنار وكذلك الخاطبة ولوحات ادغار دوغاس la fete de la patronne، ولبيكاسو فتيات افينيون. وفى السينما هناك من الشرائط مثل "لا اقبّل " لاندراي تيشانى صدر سنة 1991 وكذلك فيلم "قبل ان انسى" شريط فرنسى. أمّا فى المسرح فهناك مسرحية لبراشت شجاعة امّ كتبها سنة 1939.

بهذا المحور الاخير تنتهى مداخلة الجدي وتبدأ فترة النقاش بقراءة لمقاطع من "المومس العمياء" لبدر شاكر السياب القاها الشاعر والمترجم جمال الجلاصى ثم فتح النقاش لبقية الحضور لاثراء اللقاء بملاحظاتهم والتى لامست كل محاور الحصة.

إبتسام القشوري